-7-
الاكتئاب
مرض و ليس حالة
د. أحمد جاد*
الاكتئاب هو مرض وليس حالة يمر بها
الإنسان، وللاكتئاب في معظم الحالات اسباب عضوية مثله في ذلك مثل اي مرض آخر.
الاكتئاب من أكثر الأمراض انتشارا في العالم حيث يعاني منه نحو 30% من المترددين
على عيادات الاطباء العاملين في العيادات النفسية الخاصة والعامة. كما أن ما يقارب
من 10% من الناس يصابون بهذا المرض ومعظمهم لا يراجعون اي طبيب للتشخيص أو العلاج.
ويزداد خطر الانتحار بين المصابين بهذا المرض وخصوصاً ممن لا يستخدمون اي علاج له.
مفاهيم خاطئة
الاكتئاب حالة لا يمكن علاجها
الاكتئاب ضعف في الشخصية
الأدوية المضادة للاكتئاب تؤدي الى الادمان
التغلب على الاكتئاب ممكن بقوة الإرادة
حقائق طبية
* الاكتئاب ليس حالة، بل هو مرض
* أكثر من 70% من المصابين بالاكتئاب يستجيبون للعلاج
بصورة مرضية
* كثير من عظماء التاريخ وقادة العالم أصيبوا بالاكتئاب
* لا توجد عقاقير مضادة للاكتتاب تسبب الادمان ولا تصنف هذه الأدوية مع
العقاقير المهدئة أو المخدرة أو المنومة. وتصرف بوصفة طبية عادية كأي علاج آخر
للأمراض العضوية.
* الاكتئاب ليس مجرد مزاج حزين يتمكن الفرد من التخلص
منه بإلهاء نفسه أو بتقوية الإرادة. هذا الاعتقاد مع الاسف من اكثر الاعتقادات
شيوعاً بين الناس. وهذا الخطأ يدفع بكثير من المصابين بالاكتئاب الى الشعور بضعف
الشخصية وانعدام الثقة بالنفس، مما يزيد من حدة الاعراض نفسها.
كيف نتعرف الى مرض الاكتئاب
للاكتئاب أعراض كثيرة منها ما يمكن التعرف اليه بسهولة، ومنها ما لا يظهر
كعرض نفسي، بل يتخفى كعرض عضوي أو شكوي، مثل:
* سرعة الشعور بالإرهاق والتعب والخمول.
* عدم الاستمتاع بالوقت والنشاطات التي كانت ممتعة في
السابق.
* اضطرابات في النوم كالأرق وأحياناً كثرة النوم.
* وجود آلام عامة غير محددة بالجسم من دون مرض عضوي واضح.
* تزايد أعراض القلق والعصبية الزائدة عن المعتاد.
* اضطرابات في الجهاز الهضمي.
أعراض خاصة بمرض الاكتئاب
من الأعراض ما يكون مرتبطاً بصورة مباشرة بالاكتئاب، منها:
* أعراض خاصة بمزاج الفرد.
* أعراض جسدية.
* أعراض خاصة بنشاط الفرد وحيويته، كالحركة الزائدة
وعدم الاستقرار، أو على العكس الاتكال والاحباط، أو حتى كثرة الشعور بالارهاق
السريع وفقدان الطاقة.
* أعراض انخفاض في الرغبة الجنسية.
* أعراض نفسية عامة، مثل: انخفاض الشهية للطعام، اضطراب النوم، قلق وتعكر
المزاج، الشعور بالحزن، نوبات البكاء، وقلة في التركيز والقدرة على القراءة
والمذاكرة وبالتالي انخفاض المستوى الدراسي.
* الشعور بعدم الثقة بالنفس والتعب.
* الأفكار التشاؤمية بأنواعها، وبتفاقم الحالة أفكار
حول جدوى الحياة أو التفكير والتمني بالتخلص منها.
وللاكتئاب استعدادات وراثية في كثير من الأحيان، ووجود ذلك المرض، خصوصاً
اذا كان من النوع الشديد، يدل على احتمال كبير لإصابة فرد من أفراد العائلة به.
أنواع الاكتئاب
هناك أنواع عديدة من الاكتئاب لكل منها خصائص متميزة وطريقة علاج. إلا أن
الخوض في تفاصيلها لن يعود بفائدة على غير المختص. ونذكر على سبيل المثال:
* الاكتئاب التفاعلي، أو الارتباك الوجداني.
* الاكتئاب الرئيسي، والمعروف ايضاً بالاكتئاب الجسيم.
* الاكتئاب المصاحب للاضطراب الوجداني ذي القطبين، وسمي كذلك لحدوث
الاكتئاب بصورة دورية مع الهوس، واحياناً مصحوباً بذهان، أو قد يكون اكتئاباً
دورياً ذا قطب واحد.
* الاكتئاب المصاحب للحمل وبعد الولادة، ومنه ما يتصل بأعراض سوداوية
وأنواع أخرى تهم المختصين.
أسباب الاكتئاب
على الرغم من ان مرض الاكتئاب هو من أكثر الامراض النفسية والعضوية
انتشاراً في العالم، فإن الطب الحديث لم يتوصل بعد الى معرفة الأسباب المباشرة
والحقيقية للإصابة به. ولكن توجد نظريات وملاحظات تدل على بعض اسبابه، منها:
* وجود نقص أو تغيرات في الموصلات العصبية.
* وجود تغيرات غير طبيعية في حساسية أو عدد
المستقبلات الموجودة على غشاء الخلية العصبية، والتي تتحكم في نقل أو تأثير
الناقلات والهرمونات وجميع المواد الكيميائية الموجودة في المخ والتي تؤثر في
فعاليات ووظيفة الخلية العصبية.
* وجود تاريخ عائلي سابق للإصابة بالاكتئاب عند الشخص
نفسه، ولكن توجد أنواع من الاكتئاب لا ترتبط بأية آثار لوجود في العائلة.
* وجود ضغوط نفسية شديدة في حياة الشخص، فالاجهاد النفسي وضغوط الحياة من
أهم الاسباب التي تسبب حدوث مرض الاكتئاب، ولكنها في الأغلب غير كافية لتطور
المرض. ربما تكون ضغوط الحياة السبب في ابتداء المرض، ولكن حتى يتمكن المرض من
انسان تكون الاستعدادات الوراثية والعضوية سبباً رئيسياً له.
أمراض جسدية قد تؤدي إلى الاكتئاب
كثير من الأمراض التي تصيب الجسم تسبب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الاصابة
بالاكتئاب كعرض أو مرض ثانوي لتلك الحالة ومثال ذلك:
* بعض أمراض الغدد الصم كمرض السكر واضطرابات الغدة الدرقية.
* بعض الأمراض الروماتزمية كالتهاب المفاصل.
* بعض الأمراض السرطانية الخبيثة كسرطان الرئة والثدي والبنكرياس وغيرها.
* بعض أمراض الجهاز العصبي كشلل الرعاش وجلطات الدماغ
والتصلب المتعدد وغيرها.
* بعض الآثار الجانبية لأنواع من الأدوية كالكورتزون،
وبعض مضادات ارتفاع ضغط الدم وغيرها.
إذاً، الاكتئاب يمكن أن يكون
* بسبب مرض جسدي آخر.
* متزامناً مع مرض جسدي آخر.
* نتيجة آثار جانبية لعلاج مرض جسدي آخر.
توجد علاقة وثيقة بين القلق والاكتئاب، فهما وإن كانا مرضين نفسيين
مستقلين، فإنهما في اكثر الاحيان متزامنان مترافقان، احياناً يكون القلق جزءا من
الاكتئاب او نتيجة او سببا له. كما ان علاج الاكتئاب وخصوصاً العلاج الدوائي، أي
مضادات الاكتئاب، مفيد جدا في علاج القلق في أكثر الأحيان.
إجابات عن تساؤلات شائعة
* نعم اضطرابات النوم تزول في معظم الأحيان عن طريق العلاج الدوائي ومن دون
الحاجة لاستخدام أي عقار منوم.
* أجل، الشكوى الجسدية قد تزول بعد اسابيع قليلة من
العلاج.
* بعض أعراض الاكتئاب قد تستمر عدة اسابيع بعد بدء العلاج قبل ان تزول
تماماً.
* بالتأكيد، الاستمرار على العلاج ضروري وشرط اساسي
لتحسن الأعراض واختفائها
الأعراض الجانبية لمضادات الاكتئاب التقليدية
* جفاف في الحلق.
* تشوش في الرؤية.
* إمساك.
* خمول.
* زيادة في الوزن.
* دوار وانخفاض في ضغط الدم.
الأعراض الجانبية الشائعة لمضادات الاكتئاب الحديثة
تتوافر في الوقت الحالي أحدث أنواع الأدوية لعلاج الاكتئاب التي تتميز
بندرة أعراضها الجانبية مقارنة بالأدوية التقليدية، ولكن في بعض الأحيان قد يشكو
البعض من:
* فقدان الشهية ونقص الوزن عند بداية العلاج مع
ملاحظة ان زيادة الوزن لا تحدث.
* اضطرابات في المعدة والشعور بالغثيان احياناً، ولا
تلبث هذه الأعراض ان تتلاشى.
* صداع.
علاج الاكتئاب
* توجد طريقتان رئيسيتان لعلاج الاكتئاب وكلتاهما مهمة افضل
طريقة للعلاج هي استخدام الاثنين معا، فقد لا يغني احدهما عن الآخر، وهما العلاج
النفسي، والعلاج الدوائي.
* العلاج النفسي: هو استخدام الجلسات النفسية. وهو مفيد جداً ومكمل للعلاج
الدوائي، ولكنه في أكثر الاحيان لا يغني عنه.
* يستخدم العلاج النفسي غالباً لعلاج الحالات البسيطة
التي قد لا تحتاج لعلاج داوئي.
* العلاج الدوائي: هو العلاج الرئيسي في الأغلب ولكن ليس على الاطلاق، ويجب
هنا أن تذكر ان الاستجابة للعلاج الدوائي، وكذلك للجلسات النفسية، لا تجني ثمارها
إلا بعد مرور أسبوعين على الاقل، وأحياناً بعد ستة الى ثمانية اسابيع.
متابعة العلاج
* يجب الاستمرار في تناول مضادات الاكتئاب لشهور عدة (في المتوسط ستة
أشهر). ولكن في كثير من الأحيان قد يحتاج المريض لأخذ العلاج لمدة غير محددة
بجرعات أقل وذلك لتفادي الانتكاسة أو رجوع الحالة.
* إن الانتكاسة أو رجوع الحالة بعد توقف العلاج لا يعني ان هناك تعوداً أو
ادماناً على العلاج، هذا كما بينا لا يمكن حدوثه، وكل ما في الأمر كما هو
الحال في معظم الأمراض المزمنة كارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري أو امراض القلب ان
توقف العلاج قد يعني الانتكاسة ورجوع حدة المرض.
* التوقف عن العلاج يكون تحت اشراف الطبيب المعالج، ويكون
عادة بالتدريج.
النصح “بتغير الجو” أو السفر أو إحداث تغيرات في نمط حياة المصاب بالاكتئاب
نصيحة غير مجدية في اكثر الاحيان، بل انها على الأغلب سوف تزيد من حدة المرض. نقول
ذلك على الرغم من انها النصيحة الأولى التي يسمعها المريض من الذين حوله، وهي
النصيحة التي نشاهدها في المسلسلات والافلام التلفزيونية.
من يتابع العلامات المبكرة لتحسن المريض أو
تراجعه أو انتكاسه؟
* المريض نفسه.
* الطبيب المعالج أو أحد أفراد الاسرة المقربين أو الاصدقاء، لأنه في كثير
من الأحيان يلاحظ الشفاء، أو حتى الانتكاسة، الطبيب أو المحيطون بالمريض نفسه.
================
*د. أحمد جاد
رئيس قسم الطب النفسي / مستشفى توام
0 التعليقات:
إرسال تعليق
شكرا لك على تفضلك بالتعليق على موضوعنا , كتابتك تعبر عن شخصيتك فكن راقيا وتذكر قوله سبحانه وتعالى (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) اكرر شكري لك